ما هي المعتقدات المقيِّدة للذات، وكيف تتغلب عليها بنجاح؟
() translation by (you can also view the original English article)
"أنا كبير السن جداً."
"ليس لديّ الخبرة الكافية."
"على الأرجح أنّ شخصاً غيري قد فعل هذا."
هذه مجرد أمثلة قليلة عن المعتقدات المقيدة للذات التي يمكن أن تمنعك من تحقيق أهدافك في العمل أو في الحياة. إنّ هناك الكثير من المعتقدات المقيدة، وعلى الأرجح أنّ لديك بعضاً منها -كلنا كذلك.
لذا، أكمل القراءة لتكتشف المزيد حول ماهية المعتقدات المقيدة للذات، ولتتعرف على بعض الأمثلة عليها، والأهم من ذلك أنّنا سنتطرق إلى عملية تحديد المعتقدات المقيَّدة وكيفية التغلب عليها.



قد يكون هذا تمرين فعّال بالنسبة لك؛ فإذا كنت تحاول الوصول إلى أهداف معينة تهمك وتفشل في تحقيق ذلك فقد يرجع السبب إلى المعتقدات المقيدة للذات، والأسوأ من ذلك هو أنّك قد لا تكون حتى مدركاً لوجود هذه المعتقدات لديك، ناهيك عن معرفة كيفية التغلب عليها.
لذلك، إذا كنت مستعداً لاتخاذ خطوة كبيرة إلى الأمام لتحقيق ما هو مهم بالنسبة إليك فلنبدأ بإلقاء نظرة على ماهية المعتقدات المقيِّدة.
1. ما هي المعتقدات المقيدة للذات؟
ببساطة، فإنّ المعتقدات المقيدة للذات هي افتراضات أو تصورات موجودة لديك عن نفسك والطريقة التي يسير عليها العالم، وهذه الافتراضات "مقيدة للذات" لأنّها بطريقة ما تعيقك عن تحقيق ما أنت قادر على تحقيقه.
تلك لمحة سريعة، ولكن دعنا ندخل في تفاصيل المصطلح أكثر قليلاً من خلال دراسة كل عنصر من عناصره، بدءاً بماهية المعتقدات وكيفية تشكلّها.
كيف تتشكل معتقداتك؟
نبدأ في تشكيل المعتقدات حول العالم وموقعنا فيه منذ طفولتنا المبكرة. إنّ عقولنا بارعة جداً في تحديد الأنماط وتكوين الارتباطات، لذلك نقوم بمعالجة سيل المعلومات المتعلقة بالعالم من حولنا باستمرار ونستخدمها لتشكيل المعتقدات. وبشكل عام، فإنّ الغاية من وراء عملية تشكيل المعتقدات هي مساعدتنا على فهم العالم والبقاء آمنين.
تُبنى هذه المعتقدات في مرحلة الطفولة المبكرة عادةً بناءً على تجاربنا الخاصة، كما تتشكل من قِبل والدينا أو غيرهما من الشخصيات البارزة والمؤثرة في حياتنا. على سبيل المثال: إذا ضَربتُ شخصاً أُعاقَب؛ لذا فلا بد أنّ ضرب الناس أمرٌ سيء، وإذا قلت "لو سمحت" و "شكراً" أحصل على مكافأة؛ لذا فلا بد أنّ التصرف بأدب أمرٌ جيد.
مع تقدمنا في السن نبدأ في تشكيل معتقدات أكثر تعقيداً ونصبح قادرين على استقائها من مجموعة أوسع من المصادر مثل الكتب والأفلام والإعلانات التلفزيونية وتصرفات أقراننا، وما إلى ذلك.
وبالرغم من ذلك، فإنّ المعتقدات الأساسية التي شكلناها ونحن أطفال صغار يمكنها أن تكون مؤثرة للغاية، كما أنّنا غالباً ما نتمسك بمعتقداتنا القديمة حتى عندما نصادف معلومات أو تفسيرات جديدة.
على سبيل المثال: قد يتشكل لدى صبي صغير يعمل والديه بجدّ وغالباً ما يكونان غائبين عن المنزل الاعتقاد: "لست جيداً بما فيه الكفاية حتى يريدا أن يكونا معي."، قد يفهم في وقت لاحق أنّ والديه يعملان بجدّ لأسباب عديدة ومن بينها حبهما له ورغبتهما في توفير ما يحتاجه، ولكن ذلك الاعتقاد السابق قد يكون متأصلاً بعمق لدرجة أنّه يستمر في التمسك به.
ويرجع ذلك من ناحية إلى أنّنا لا نحب أن نكون مخطئين، وبمجرد أن يتشكل لدينا اعتقاد ما فإنّنا نميل إلى البحث عن مزيد من الأدلة التي تدعمه واستبعاد الأدلة التي تناقضه. هذا الأمر يمنحنا أساساً ثابتاً لفهم العالم ولولاه قد يكون فهمه مربكاً للغاية، ولكنه يعني أيضاً أنّه قد يصعب التخلص من معتقداتنا حتى ولو كانت تعيقنا.
لماذا تصبح بعض المعتقدات مقيدة للذات؟
حسناً، كما عرفنا للتو فإنّ عملية تشكيل المعتقدات تبدأ في وقت مبكر من حياتنا، وما إن تتشكل تكون مقاومة للتغيير إلى حد كبير.
ذلك يُسهم إسهاماً كبيراً في تفسير السبب في أنّ العديد من معتقداتنا مقيِّدة. إنّ الأنماط التي لاحظناها ونحن أطفال والتي ساعدتنا على التجول في رياض الأطفال أو في ملعب المدرسة قد لا تخدمنا ونحن الكبار.
إذا نشأت في بيئة عدوانية أو مهملة فينبغي أن يكون من الواضح أنّه سيتشكل لديك الكثير من المعتقدات السلبية عن نفسك، ولكن حتى لو نشأت في بيت يملؤه الحب فقد تكون النتيجة أيضاً وجود معتقدات مقيِّدة لديك. قد يترك لديك والداك اللذان يدعمانك ويهبّان للدفاع عنك من كل من يحاول مهاجمتك في الملعب اعتقاداً بأنّك غير قادر على حل مشاكلك بنفسك، كما قد تؤدي المبالغة في المديح إلى الاعتقاد بأنّ المديح ليس له مصداقية.
إنّ المعتقدات ليست حقائقاً، فقد تكون صحيحة أو مساعِدة وقد تكون بخلاف ذلك، لكنّها لا تزال تحكم الطريقة التي نتصرف بها في الحياة. إذا كنا نعتقد أنّنا لسنا جيدين بما فيه الكفاية، فلن نطلب الحصول على ترقية -كما أنّ رؤية شخص آخر يسبقنا في الحصول عليها سيعزز ذلك الاعتقاد. لذا، فإنّ المعتقدات من ذلك القبيل مقيدة للذات؛ فهي تحدّ من آفاقنا وتعيقنا عن القيام بالأشياء التي نرغب في فعلها.
2. أمثلة على المعتقدات المقيِّدة في مجال الأعمال
حسناً، يكفينا حديثاً عن الطفولة. الآن وقد أصبح لدينا فكرة عن مصدر المعتقدات وكيف أنّ بعضاً منها قد تكون مقيِّدة، هيّا بنا ننطلق إلى عالم الكبار ونلقي نظرة على الأثر الفعلي للمعتقدات المقيِّدة للذات حين يتعلق الأمر بتحقيق الأهداف -خاصة في مجال العمل.
إنّ المعتقدات تؤدي إلى الفعل، أو في بعض الحالات إلى اللافعل وقد رأينا مثالاً على ذلك في نهاية المقطع الأخير والمتعلق بالترقية المفقودة. لنلقي نظرة على بعض الأمثلة عن المعتقدات المقيدة للذات التي قد تعيقك عن تحقيق النجاح في مجال العمل.
"ليس لديّ الخبرة/المؤهلات الكافية"
هذا من المعتقدات المقيِّدة الشائعة جداً؛ حيث غالباً ما نعتقد أننا في حاجة إلى سيرة ذاتية طويلة كطول رواية الحرب والسلام قبل أن يتسنى لنا التفكير في المضي قدماً في حياتنا المهنية.
هناك حالات معينة يكون فيها هذا الأمر مشكلة حقيقية، فمثلاً: لا يمكنك أن تكون طبيباً دون أن تكون حاصلاً على شهادة في الطب، ولكن هناك أيضاً الكثير من الحالات التي يكون فيها هذا الاعتقاد من المعتقدات المقيِّدة ويستند على قلة الثقة بالنفس أو الشعور بعدم الكفاءة أكثر من حقيقة العمل الفعلية.
نبدأ جميعنا العمل دون خبرة، لذلك إذا لم تتمكّن من الحصول على الوظيفة التي تحلم بها فاحصل على وظيفة تجعلك أقرب من الحصول إليها، وإذا كنت بحاجة إلى مؤهلات فحاول أن تجد طريقة لنيلها.
في مجال ريادة الأعمال، نادراً ما تكون قلة الخبرة مشكلة إلا إذا عشعشت في العقول، مثال بسيط على ذلك: لم يكن لدى مارك زوكربيرج أي خبرة في إدارة الشبكات الاجتماعية -أو أي خبرة بإدارة أي شيء في الواقع- قبل إنشاء موقع فيسبوك. ألقِ نظرة على العديد من روّاد الأعمال الناجحين وستجد أنّهم أشخاص كانت مؤهلاتهم الفعلية الوحيدة هي الثقة بالنفس والإصرار.
"على الأرجح أنّ شخصاً غيري يستطيع القيام بهذا أفضل مني"
هل سبق أن كانت لديك فكرة مشروع، وتخليت عنها فقط لأنّك اعتقدت أنّ شخصاً آخر على الأرجح قد فعلها من قبل، أو أنّه يستطيع القيام بها بطريقة أفضل؟
هذا أحد المعتقدات الأخرى المقيدة للذات. بالتأكيد أنّه سيكون هناك دوماً منافسة، وسيكون لدى بعض منافسيك موارد أكثر أو سيقومون بأشياء معينة بطريقة أفضل من طريقتك، ولكن لا يزال بإمكانك إيجاد ميزتك التنافسية الخاصة. اطّلع على هذه الدروس التعليمية التي ستساعدك على البدء بذلك:
- Startupsكيف تبتكر فكرة مشروع ناشئ تستحق السعيEddie Earnest
- Businessكيف تنشئ مشروع تجاريAndrew Blackman
- Small Businessكيف تكتب تقرير تحليل المنافسين لمشروعك الصغير (يتضمن نموذج)Celine Roque
"أنا كبير السن جداً (أو صغير السن جداً)"
قد يوجد هذا الاعتقاد المتعلق بالسن لدى الكبار والصغار؛ مما يشير إلى أنّه اعتقاد غير صحيح. يعتقد البعض منا أنّهم كبيري السن جداً على أن يبدؤوا مشروعاً أو أن يسعوا إلى تحقيق أي هدف يجول في خاطرهم، بينما يعتقد آخرون أنّهم صغيري السن جداً على ذلك.
الحقيقة -بالطبع- هي أنّ العمر ليس عائقاً إلا إذا عشعش ذلك في عقولنا. يمكنك الاطّلاع على الأمثلة التالية لرواد أعمال من فئة الأطفال و فئة كبار السن التي تدلل على ذلك.
"ليس لديّ المال"
إنّ الافتقار إلى رأس المال هو حتماً عائق حقيقي في عالم الأعمال، ولكن غالباً ما تكون هناك طرق لبدء مشروع دون الكثير من الأموال أو عن طريق جمع الأموال -ألقِ نظرة على دليلنا التعليمي المتعلق بتمويل المشاريع أو الدرس التعليمي التالي الذي يتحدث عن البدء بمشروع ما بأقل قدر من المال:
"ليس لديّ الوقت"
كما هو الحال مع نقص المال فإنّ ضيق الوقت قد يكون مشكلة حقيقية، ولكن يمكن التغلب عليها أيضاً، وإذا كنت تستخدمها كذريعة للتقاعس عن اتخاذ أي إجراء بشأن فكرة مشروعك فقد يكون ذلك بسبب كونها من المعتقدات المقيِّدة لك.
ألا تصدقني؟ اطّلع على هذه الدروس التعليمية الممتازة في دليلنا الإرشادي المتعلق ببدء عمل جانبي:
- Small Businessكيف تبدأ عملاً جانبياً - بالتزامن مع وظيفة نهاريةCeline Roque
- Side Businessكيف توفر الوقت لإدارة مشروعك الجانبي بنجاحCeline Roque
- Side Businessكيف تكبر بسرعة أعمالك الجانبية: مع 5 استراتيجيات للنموCeline Roque
"لا أملك الدافع"
في بعض الأحيان يبدو روّاد الأعمال وغيرهم من الناجحين وكأنّهم من كوكب آخر، أليس كذلك؟ يبدو أنّ لديهم الكثير من الطاقة والدافعية.
ولكنّ الحقيقة هي أنّهم أشخاص مثلك تماماً، وفي معظم الأوقات كانوا يكافحون من أجل تحفيز أنفسهم للاستمرار، ولكنّهم لم يعتبروا الافتقار إلى الدافع سمة ملازمة لهم في حياتهم. فيما يلي بعض الدروس التعليمية التي يمكنها مساعدتك في الخروج من مصيدة الافتقار إلى الدافع:
- Goal Settingكيفية إعداد (والوصول إلى) أهدافك الشخصية في الحياة والعملHarry Guinness
- Careersكيفية استثمار وقتك وطاقتك وانتباهك في حال شعورك بالملل في العملCharley Mendoza
- Careersكيف تمارس ما تحبه (تسعى خلف شغفك) في 2018Andrew Blackman
وغيرها الكثير
هذه مجرد أمثلة قليلة عن المعتقدات المقيدة للذات في مجال الأعمال، وهناك العديد والعديد منها مثل: الاعتقاد بأنّه لا ينبغي عليك القيام بشيء ما إلا إذا كنت تستطيع القيام به بطريقة مثالية، والاعتقاد بأنّ إخفاقاتك تحدد مسار حياتك، وغيرها الكثير. أنا واثق من أنّه يمكنك التفكير في بعضها الآن. سنلقي نظرة على كيفية تحديد معتقداتك المقيِّدة في القسم التالي من هذا المقال.
3. كيف تحدد معتقداتك المقيِّدة؟
إنّ معظم المعتقدات المقيِّدة في العقل الباطن، لذلك قد يتطلب الكشف عنها بعض الجهد. فيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها لاكتشاف معتقداتك المقيدة للذات:
التحليل الخالي من اللوم
يضع الكثير منا أهدافاً أو قراراتٍ غالباً عند اقتراب بداية السنة الجديدة، كما يفشل الكثير منا في الالتزام بها -باقتراب حلول شهر فبراير في الغالب، ثم نلوم أنفسنا بسبب افتقارنا إلى قوة الإرادة، ونبدأ الدورة من جديد في العام التالي.
إذا كان هذا يشبه ما يحصل معك فقد تكون المعتقدات المقيِّدة هي التي أعاقتك عن تحقيق أهدافك، لذلك ضع اللوم جانباً في الوقت الحالي وحاول تحليل الخطأ الذي حدث.
فيما يلي بعض الأسئلة التي يمكنك أن تطرحها على نفسك:
- هل كانت أهدافك واقعية؟
- إذا كانت كذلك، ما سبب عدم تحقيقك لها؟ هل كان ذلك ناجماً عن عوامل خارجية أو عن سلوكك الشخصي أو كليهما؟
- بالتركيز على سلوكك الشخصي، ما الذي كان بإمكانك القيام به بطريقة مختلفة؟
- لماذا لم تقم بذلك في ذلك الوقت؟ ما هي النتائج التي كنت خائفاً أو قلقاً بشأنها؟
- ما الأنماط التي يمكنك ملاحظها؟ عندما تشعر بأنّ هناك شيء ما يعيقك أو يوقفك فما هو هذا الشيء الذي يمنعك من القيام بأي تصرف؟ ما هي القصص التي تحدِّث بها نفسك؟
استمر في طرح أسئلة كهذه محاولاً استخلاص الأسباب العميقة التي أدت بك إلى القيام بسلوكك السابق. يمكنك أيضاً استخدام أسئلة مشابهة إذا كنت حالياً تعاني من مشروع ما أو إذا كان هناك هدف يقلقك.
دوِّن ملاحظاتك -دون إطلاق أي أحكام أو لوم- كما لو كنت تقوم بتحليل الموقف من الخارج؛ فهذه ليست إلّا مهمة لاكتشاف الحقائق.
جرِّب أيضاً الكتابة الحرة، مثل: "لا يمكنني فعل الأمر الفلاني بسبب ...." (بحيث يمثل الأمر الفلاني هدفاً مهماً بالنسبة إليك). اكتب جميع الأسباب التي تخطر ببالك بأسرع ما يمكنك دون الحكم على مدى صحتها. قد تبدو بعضها سخيفة أو جنونية، ولكن سيدل بعض منها (وربما الجنونية حتى) على وجود معتقدات مقيِّدة.
السفر عبر الزمن
كما اكتشفنا في القسم الأول فإنّ الكثير من معتقداتنا المقيدة للذات تتشكل في فترة مبكرة من حياتنا، ولذا فإنّ الخطوة التالية هي العودة بالزمن وكتابة الملاحظات عن تجاربك الأولى وعملية تكوينك لمعتقداتك.
ما عليك في البداية سوى وصف ظروف نشأتك:
- كيف كان والداك أو أولياء أمورك؟
- ماذا كانت قيمهم؟
- ماذا لقّنوك عن العالم؟
- ماذا تعلمت منهم بخصوص المجازفات والبقاء آمناً، وما هو ممكن في الحياة وما هو ليس ممكناً، وما أنت قادر على فعله والعكس؟
- ماذا عن محيطك الأوسع كالمدرسة أو العائلة الممتدة أو المجتمع المحلي أو المؤسسات الدينية؟ ماذا لقّنوك عن نفسك؟
- ماذا تعلمت عن هويتك (الجنسية، الجنس، العرق ، الحالة الاقتصادية، المظهر الخارجي، إلخ) وكيف أثّر ذلك على حكمك على الأمور؟ هل سبق لك أن تم إخبارك أشياء مثل: "الفتيات لا يفعلنّ الأمر الفلاني" أو "لا يمكن لأشخاص مثلنا القيام بالأمر كذا أبداً" ؟
- هل كنت تشعر بالثقة بالنفس أو قلة الثقة بالنفس؟ أو هل كنت واثقاً من نفسك في بعض المجالات، ولكن كنت غير واثقاً منها في مجالات أخرى؟ وما هي هذه المجالات؟
- مع تقدمك في السن، أي من الأمور التي تعلمتها مبكراً أصبحت تعارضها بشدة؟ وما الذي أصبحت تعرفه عن نفسك والذي يتناقض مع ما تم تلقينك إياه؟
مجدداً، هذه ليست سوى بعض الأسئلة التي يمكنك البدء بها، ولكن حاول الاستمرار وطرح أكبر عدد ممكن من الأسئلة، وسجِّل الملاحظات طوال الوقت مسترشداً بتجاربك الخاصة. إنّ الهدف من ذلك هو تكوين صورة واضحة عن البيئة التي نشأت فيها وكيفية تأثيرها على الطريقة التي تشكّلت من خلالها معتقداتك.
ربط الأمور ببعضها البعض
بمجرد الانتهاء، حاول البحث عن الأنماط المتكررة في مجموعتي الملاحظات، وإيجاد بعض المسببات والتأثيرات. ما هي المعتقدات السابقة التي قد تكون ما تزال تعتنقها، وكيف يمكنها تفسير بعض التصرفات التي تفعلها في هذه الأيام؟ هل يمكن أن تكون أي من هذه المعتقدات من المعتقدات المقيِّدة التي لم تعد تنفعك؟ هل يمكن أن تكون مسؤولة عن المشاكل التي حددتها في التحليل الخالي من اللوم؟
كما نوّهت سابقاً، فقد يكون من الصعب تحديد المعتقدات المقيدة للذات، لذلك قد تحتاج إلى المزيد من الوقت. استخدم هذه الأسئلة لتساعدك على البدء، ولكن قد تستغرق هذه العملية وقتاً أطول. ضع في اعتبارك طلب المساعدة من أخصائي نفسي أو غيره من المختصين خاصةً إذا عشت طفولة صعبة وإذا كانت استراتيجية "السفر عبر الزمن" تثير قضايا معقدة بالنسبة لك؛ فهذا الأمر لا يجب عليك القيام به وحدك.
4. كيف تتغلب على المعتقدات المقيدة للذات؟
بعد أن حددت معتقداتك المقيِّدة (بغض النظر عن الفترة التي استغرقتها في ذلك) فإنّك تريد بالطبع التغلب عليها، وأكرر أنّها ليست مهمة بسيطة ولكن دعنا نلقي نظرة على ستة طرق يمكن أن تساعدك:
1. افهم الغاية من وراء هذه المعتقدات
قد يبدو هذا غريباً، فهذه معتقدات مقيِّدة تعيقك عن تحقيق ما تريد، فما هي الغاية من ورائها؟
ما أريدك أن تعرفه هو أنّ كل المعتقدات لها غاية، وغالباً ما ترتبط تلك الغاية بطريقةٍ أو بأخرى بإبقائك آمناً أو حمايتك مما هو مؤلم أو غيرها من الآثار السلبية.
في حالة المعتقدات المقيِّدة، قد تكون الغاية غير صائبة ولكنّها موجودة؛ فعلى سبيل المثال: قد تُمنع من إحراز أي تقدم بسبب اعتقادك أنّه لا ينبغي عليك القيام بشيء ما إلا إذا كنت تستطيع القيام به بطريقة مثالية. هذا النوع من التوق إلى الكمال قد يعطلك عن تحقيق أي شيء، ولكنّه على الأرجح يهدف -في جوهره- إلى حمايتك من الألم أو الإهانة التي كنت تعتقد أنّها ستكون نتيجة تقديمك لعمل ليس مثالي مائة بالمائة إلى العالم.
2. شكِّك فيها
بعد أن تحدد الغاية من وراء معتقداتك ومصدرها ابدأ بالتساؤل عمّا إذا كانت ما تزال صحيحة أو نافعة.
فيما يتعلق بمثال التوق إلى الكمال، اسأل نفسك: ماذا ستكون النتيجة لو أنّك أطلقت لنفسك العنان لكي تُطلق منتجاً أو مشروعاً يحتوي على خلل بالغ الصغر؟ هل تلك النتيجة أسوأ من نتيجة عدم القيام بشيء؟ بوجهٍ عام، هل قادك توقك إلى الكمال نحو نتائج أكثر إيجابية أم سلبية؟
كرِّر هذه العملية مع كل معتقد من المعتقدات المقيِّدة التي حددتها، فحتى لو كنت تعتقد أنّك تعرف الإجابات مسبقاً قد تكتشف شيئاً جديداً، كما أنّ عملية التشكيك صراحةً في معتقداتك المقيِّدة بحد ذاتها يمكن أن تساعدك في تقليل مدى تأثيرها.
3. اسخر منها
يمكن للفكاهة أن تكون أداة فعّالة لإزالة تلك المعتقدات؛ حيث أنّه من الصعب أن يكون لأمر من الأمور تأثير علينا عندما نستهزئ به.
لذا، حاول أن تطلق النكات على معتقداتك المقيِّدة، وابتكر سيناريوهات سخيفة تجعلك تضحك منها، أو على الأقل لا تأخذ نفسك ومعتقداتك على محمل الجد.
4. كوِّن معتقدات جديدة
لكي توقف تأثير معتقداتك القديمة تحتاج أيضاً إلى استبدالها بأخرى جديدة. أنت بحاجة إلى الإيمان بشيء حتى يكون العالم مفهوماً بالنسبة لك وحتى تمنح نفسك أساساً ثابتاً تدور في دائرته.
لذلك، غيّر معتقداتك المقيِّدة التي حددتها، وشكِّل معتقدات جديدة تتوافق أكثر مع قيمك وستساعدك في تحقيق أهدافك، فمثلاً بدلاً أن تقول: "يجب عليّ دوماً أن أفعل كل الأشياء بطريقة مثالية،" يمكنك أن تقول: "لا بأس بالعيوب الصغيرة طالما أقوم بما هو مهم."
5. أعِد تدريب عقلك
على الرغم من أنّ العقل يميل إلى التمسك بالمعتقدات فإنّه يمكن أيضاً إعادة تدريبه. المعتقدات هي في الأساس أنماط حددها العقل، لذلك يمكنك البدء في إعادة تشكيلها من خلال تزويده بأنماط جديدة.
هناك الكثير من التقنيات التي يمكنك استخدامها لهذا، فمثلاً: يمكنك محاولة الكتابة أو التحدث عن معتقداتك الجديدة عدة مرات في أوقات معينة كل يوم. يمكنك استخدام شيء مادي ليذكّرك دوماً بنيتك الجديدة كأن تضع في جيبك حجراً على سبيل المثال. يمكنك بدء عادات أو طقوس لتعزيز الاعتقاد الجديد مثل تطبيق هذا الاعتقاد بطريقة متعمدة بقدر محدود كل يوم (على سبيل المثال: ارتكب خطأ صغيراً مقصوداً إذا كنت تحاول التخلص من التوق إلى الكمال).
6. ابحث عن مصادر للإلهام
ابحث عن نماذج تحذو حذوها لكي تستطيع الاستمرار في العملية التي ستكون طويلة وفي بعض الأحيان صعبة، واعثر على أشخاص في مجال الأعمال أو مجالات الحياة الأخرى يجسّدون المعتقدات التي تحاول أن تتبناها.
بعد أن تحدد الأشخاص الذين ترغب في أن تحذو حذوهم اقرأ كتباً من تأليفهم أو كتباً تتحدث عنهم، واكتشف كيف حققوا نجاحاتهم وما كان على عاتقهم التغلب عليه، وابق مطّلعاً على الاقتباسات والصور الملهمة وضعها في مكان تراها فيه بشكل دوري. هناك الكثير من الأمور العامة المتعلقة بالإلهام على شبكة الويب، ولكن ما تبحث عنه هو شيء مصمم خصيصاً للمعتقدات المقيِّدة التي تسعى للتغلب عليها والمعتقدات التشجيعية التي تحاول ترسيخها.
الخلاصة
لقد اشتمل حديثنا على الكثير من المعلومات في هذا الدرس التعليمي. بدأنا بإلقاء نظرة على ماهية المعتقدات المقيدة للذات وطريقة تشكلها، ثم اطّلعنا على بعض الأمثلة الشائعة المتعلقة بها وأثرها على عالم الأعمال.
بعد ذلك، تعمّقنا في تفاصيل كيفية تحديد المعتقدات المقيِّدة وكيفية التغلب عليها، كما ألقينا نظرة على بعض التقنيات والممارسات التي يمكنك استخدامها لمساعدتك على الوصول إلى أصل هذه المعتقدات واستبدالها بمعتقدات جديدة أكثر تشجيعاً.
كما ذكرت آنفاً، قد تكون هذه عملية طويلة؛ فالمعتقدات تستغرق وقتاً طويلاً حتى تتشكل، ولا يمكن تغييرها بين عشيةٍ وضحاها، ولكن إذا التزمت بها وعملت عليها باستمرار فستتمكن من تحقيق تقدم حقيقي قابل للقياس وتجربة بعض التغييرات التي ستؤثر في حياتك.
